موضوع: لماذا التعدد للرجل دون المرأة؟ الخميس مارس 13, 2008 4:56 pm
لماذا التعدد للرجل دون المرأة؟
* السيد محمد حسين فضل الله قد تثار هذه القضية من خلال سؤال يفرض نفسه على البال، وهو: لماذا أباح الإسلام لرجل أن يعدد في زوجاته، ولم يُبح للمرأة أن تعدد في الأزواج؟ ونجيب عليه في نقطتين: النقطة الاولى: إن نظام الأسرة الأبوي القائم على أساس شخصية الأب كوجه أصيل للأسرة، هو نظام أساسي في الإسلام. وربما كان أساسياً في الواقع الإنساني. وإذا كان التاريخ قد عرف _في بعض مراحله _ نظام الأمومة، أي النظام الذي تحكمه الأم، ويكون الأب تابعاً في القيام على شؤون الأسرة، فإن ذلك يعتبر حالة شاذة، وليست عامة. وقد تبنى الإسلام هذا النظام الأبوي فاعتبر الأب قوّاماً على الأسرة وأساساً للانتماء ومسؤولاً عن الأمور الحياتية. وليس معنى ذلك إلغاء دور الأم أو نسبها، بل اعتبره ثانوياً من هذه الجهات. وفي ضوء ذلك، لا يمكن الإقرار بتعدد الأزواج لأنه يخلق مشكلة انتماء الأولاد، فتضيع الأنساب. النقطة الثانية: لا بدّ للتشريع من أن ينشأ عن حاجةٍ ملزمةٍ في الحياة. وقد تحدّثنا، في ما قدمناه من حديث، عن الأسس التي ارتكز عليها تشريع تعدد الزوجات من خلال الواقع ومن خلال نداء الطبيعة، حتى أننا قرّرنا الفكرة التي تقول: إن تاريخ الإنسان هو تاريخ التعدّد في العلاقات الجنسية من طرف الرجل سواء في ذلك العلاقات الشرعية وغير الشرعية، الأمر الذي يوحي بأنّ الزواج الأحادي، في ذلك لا يعتبر حلاً للمشكلة، وأن لا بد من تجاوز ذلك إلى غيره. أما تعدّد الأزواج للمرأة فهو حالة شاذة تاريخياً، حتى لدى القبائل البدائية التي وقف عندها التاريخ، فلا حاجة إلى أن يقف عندها التشريع ليخطط لها القوانين والأحكام. فإذا اقتربنا من مبررات التعدد، فإننا نجد من بينها أوضاع الحروب التي تفني الرجال بنسبة أكبر مما تفني النساء. الأمر الذي يجعل من كثرة النساء وقلة عدد الرجال حالة طبيعية تفرض التعدّد في علاقات الرجل بالمرأة دون العكس، وذلك لحل مشكلة المرأة الجنسية والروحية الباحثة عن العلاقة الطبيعية بالرجل. ... وهناك نقطة أخرى جديرة بالبحث والتأمل، وهي أن غريزة الرجل تدعو إلى التعدد أكثر من غريزة المرأة. فإن تأثّر المرأة بالعوامل التي تثير الغريزة يحتاج إلى إعداد نفسي وجسدي أكثر مما يحتاجه الرجل. حتى أن الرجل يبلغ حاجته في ما يسمى بذروة الشهوة في العلاقة الجنسية قبل أن تبلغها المرأة بوقت قصير، الأمر الذي يؤدي إلى مشاكل نفسية وجسدية للمرأة عندما لا تحس بالاكتفاء في العلاقة بالمستوى الذي يحس به الرجل. وقد نستفيد من ذلك أن عنصر الاثارة لدى المرأة ليس إيجابياً بالمستوى الموجود لدى الرجل. وربما نلمح في الواقع، أن الرجل هو الذي يلاحق المرأة، ويهيء لها أجواء الانحراف على أساس نداء الغريزة، بينما نجد أن إغواء المرأة للرجل يخضع في كثير من الحالات لعوامل اقتصادية، أو غير ذلك من العوامل الخارجية. وقد عاشت بعض البلدان الأوروبية والأمريكية ما يشبه تعدّد الأزواج والزوجات، في ما يسمى بعملية الزواج الجماعي الذي يلتقي فيه عدد من النساء والرجال على حياة زوجية مشتركة. ولكن الواقع أثبت فشل التجربة، لأنها خلقت لهم أكثر من مشكلة ولم تستطع أن تمنحهم الشعور بالرضا النفسي والسعادة لا سيما بالنسبة للمرأة. وقد نلاحظ أن المرأة تميل إلى العلاقة الأحادية أكثر من ميلها إلى العلاقات المتعددة. ولهذا نجد ظاهرة الوفاء في العلاقات الجنسية لدى المرأة أكثر منها لدى الرجل.. لأنها تشعر بالاكتفاء بالعلاقة الواحدة في حالتها الطبيعية في ما يخفّفه ذلك من عوامل الإثارة لديها، بينما لا نجد ذلك الشعور نفسه لدى الرجل. وعلى ضوء ذلك كله، نقف أمام الحقيقة الواقعية التي تفرض الحاجة إلى التعدد لدى الرجل من ناحية الغريزة والأوضاع الإنسانية العامة، الأمر الذي يجعل من ذلك قضية في حجم الظاهرة التي يجب أن يواجهها التشريع بالحل العملي. ولا نجد ذلك حاجة في حجم القضية والظاهرة لدى المرأة، بل كل ما هناك وجود حالات طارئة سريعة لا تفرض الاهتمام الكبير. وهكذا نجد أنّ التشريع الإسلامي يواجه الواقع بحلوله للمشاكل المعقّدة من موقع الحاجة الطبيعية للإنسان. لأنه لا يشرّع للملائكة بل يشرّع للبشر. وكان التعدّد حلاً طبيعياً لمشكلة الرجل والمرأة معاً من الناحيتين الجنسية والاجتماعية..